في أول رد فعل له على الهجوم الجوي الإسرائيلي على إيران، قال المرشد علي خامنئي: "إن المسؤولين يجب أن يحددوا كيفية إيصال قوة وإرادة إيران إلى إسرائيل"، مشددًا على أن ما هو "صالح" يجب أن يُنفذ، واصفًا الهجوم الإسرائيلي بـ "الشر"، مؤكدًا أنه يجب عدم تضخيمه أو تقليله.
ولم يوضح خامنئي بشكل شفاف كيفية الرد على هذا الهجوم، تاركًا تقدير أبعاده إلى المسؤولين.
وكانت إسرائيل قد شنت سلسلة من الهجمات الجوية على مواقع عسكرية في إيران، فجر أمس السبت، 26 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري.
وحاول بعض المسؤولين الإيرانيين التقليل من أهمية هذا الهجوم، في أعقاب وقوعه.
كما أعلنت الدفاعات الجوية الإيرانية، يوم أمس، عن اعتراض "ناجح" لهجمات إسرائيل "المحدودة"، التي استهدفت قواعد عسكرية ذات أهمية، في ثلاث محافظات، بما فيها العاصمة طهران.
وعلى الرغم من تأكيد إيران اعتراض جميع المقاتلات الإسرائيلية، فإنها عادت سالمة إلى بلدها، بعد تنفيذ الهجوم.
ومن ناحية أخرى، أفادت البيانات الرسمية بمقتل أربعة عناصر من الجيش الإيراني خلال هذا الهجوم.
وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، أمس، نقلاً عن أربعة مسؤولين إيرانيين، أن خامنئی قد أعطى أوامر للحرس الثوري والجيش بإعداد عدة خطط عسكرية للرد على الهجوم الإسرائيلي.
تهديدات المسؤولين الإيرانيين بالرد الحازم
تحدث عدد من المسؤولين الإيرانيين، منذ يوم أمس السبت، عن "حق الرد" على إسرائيل.
وقال رئيس البرلمان الإيراني، محمد باقر قاليباف، اليوم الأحد: "إن إيران لديها الحق في الدفاع عن نفسها في إطار الدفاع المشروع وميثاق الأمم المتحدة"، مضيفًا: "إن الرد على هذه الاعتداءات سيكون حازمًا وفقًا للاعتبارات".
كما أرسل وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، رسالة إلى مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة، قال فيها إن "إيران تحتفظ بحقها الذاتي في الرد قانونيًا ومشروعيًا".
وذكر عراقجي أيضًا، في اتصال هاتفي مع وزراء خارجية سوريا وقطر ومصر، أن إيران لن تتردد في "الرد الحازم والمتناسب" في الوقت المناسب.
وفي حديث آخر، اتهم عراقجي الولايات المتحدة بالمشاركة في الهجوم الإسرائيلي، قائلاً: "إن أميركا وفرت ممرًا جويًا لسلاح الجو الإسرائيلي".
أظهر الرئيس الإيراني، مسعود بزشکیان، موقفًا غير مباشر؛ حيث كتب على منصة "إكس" صباح الأحد: "يجب أن يعرف أعداء إيران أن هذا الشعب الشجاع يقف بلا خوف دفاعًا عن أرضه، وسيرد على أي حماقة بحكمة وذكاء".
وكان بزشکیان، قد هدد قبل أربعة أيام، في اجتماع مع رئيس وزراء إثيوبيا، إسرائيل بأنه إذا "خطت خطوة خاطئة" وارتكبت أي اعتداء على إيران، فستتلقى ردًا "حازمًا وغير قابل للتصديق".
ووصف نائب الرئيس الإيراني، محمد رضا عارف، الهجوم الإسرائيلي بـ "الخسة"، مؤكدًا أن طهران سترد في الوقت والظروف "المناسبة" بناءً على هذا الهجوم.
وقلل عارف من أهمية الهجوم الإسرائيلي، قائلًا: "هذا التحرك البائس، رغم كل الشعارات التي أطلقوها والمهل التي حددوها، تم القيام به لتلبية الواجب فقط".
كما كتب ممثل خامنئی في صحيفة "كيهان"، حسين شريعتمداري، في افتتاحية الصحيفة، اليوم الأحد: "يُسمع من بعض المصادر أنه الآن بعد أن لم يُحقق الهجوم الإسرائيلي نجاحًا ملحوظًا، فمن الأفضل أن نتجنب الرد أو الرد القوي".
ووجه شريعتمداري رسالة لهؤلاء الأفراد، قائلاً: "إن أي تقصير في الرد الحازم والرادع هو بمثابة دعوة لأميركا وقواعدها الإقليمية، أي إسرائيل، لشن هجمات مدمرة على إيران وإبادة شعبها".
ووصف عدد من المؤيدين للحكومة، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، منذ صباح السبت، هجمات إسرائيل بأنها ليست ذات قيمة وغير ناجحة.
مع ذلك، طلبت طهران من رئيس مجلس الأمن الدولي عقد جلسة طارئة لمناقشة الهجوم الإسرائيلي على المراكز العسكرية الإيرانية.
وبعد انتهاء عمليات "أيام الرد" للجيش الإسرائيلي، تبين أن نحو 140 طائرة مقاتلة إسرائيلية قد استهدفت 20 نقطة في ثلاث محافظات إيرانية على ثلاث موجات؛ حيث قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي: "إن إسرائيل الآن تتمتع بحرية حركة أكبر في سماء إيران".
ويُعتبر هذا الهجوم أول هجوم خارجي واسع النطاق على الأراضي الإيرانية، منذ نهاية حرب إيران والعراق عام 1988.
وحتى الآن، لم تعترف إسرائيل بوضوح بمسؤوليتها عن أي عمليات على أراضي إيران.
ونُشرت صور جديدة على جدارية ميدان "وليعصر" وميدان فلسطين في طهران، مخصصة لتهديد إسرائيل، اليوم الأحد.
ويستخدم النظام الإيراني هذه الجداريات بشكل رئيس للتعبير عن رسائله السياسية والإيديولوجية.
ويظهر الرئيس الإيراني، مسعود بزشکیان، ورئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة، محمد باقري، في صورة الجدارية بميدان "وليعصر"، تحت عنوان "خبراء الحرب"، وفي الجهة الأخرى الرئيس الأميركي، جو بايدن، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بعنوان "المثیرون للحرب".
وكتب باللغة العبرية على الجدارية الحمراء في ميدان فلسطين: "عاصفة أخرى في الطريق".
وصرح مسؤولان في الحرس الثوري الإيراني، لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، يوم أمس، بأن "الهجمات الإسرائيلية على إيران ستقابل بخيارات من قبيل إطلاق ما يصل إلى ألف صاروخ باليستي، وتصعيد هجمات الميليشيات التابعة لإيران في المنطقة، وتعطيل تدفق الطاقة العالمية والنقل عبر الخليج العربي ومضيق هرمز".
كما أعرب مسؤول بإدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، يوم السبت، في حديثه مع الصحافيين، عن اعتقاده بأن الهجوم الإسرائيلي يجب أن ينهي المواجهة العسكرية بين إسرائيل وإيران، لكن إذا ردت طهران على هذا الهجوم، فإن الولايات المتحدة ستدعم إسرائيل مرة أخرى.