أجبرت أزمة الوقود الحادة الحكومة الإيرانية على إغلاق ثلاث محطات رئيسة للطاقة الحرارية؛ مما أسفر عن انقطاع واسع للكهرباء، أثر بشكل كبير على المستهلكين في القطاعات السكنية والصناعية، على حد سواء.
كما أمرت الحكومة بقطع الكهرباء يوميًا لمدة تتراوح بين ساعتين وثلاث ساعات في مناطق ومحافظات عديدة. وعزت إدارة الرئيس، مسعود بزشكيان، إغلاق محطات الطاقة في أصفهان وأراك وكراج إلى نقص حاد في الغاز الطبيعي ومخاوف التلوث من استخدام المازوت كبديل.
ومع ذلك، تشير بيانات وزارة الطاقة إلى أن السبب الأساسي هو نقص جميع أنواع الوقود، بما في ذلك المازوت والديزل والغاز الطبيعي.
وتسهم محطات الطاقة الحرارية بـ 95 % من إنتاج الكهرباء في إيران، وتحتاج إلى 280 مليون متر مكعب من الغاز يوميًا، أو ما يعادل 225 مليون لتر من المازوت والديزل.
وحتى قبل عامين، كانت إيران تعاني نقص الغاز خلال الشتاء فقط، لكن الأزمة الآن امتدت لتشمل جميع الفصول؛ حيث شكل الغاز في ربيع وصيف هذا العام، 86 % من الوقود المستخدم في المحطات، مقارنة بـ 94 % خلال الفترة نفسها من العام الماضي.
وتوضح بيانات وزارة الطاقة أنه على الرغم من زيادة إمدادات المازوت بنسبة 50 % والديزل بنسبة 26 % إلى محطات الطاقة، فإن مخزون الوقود السائل انخفض إلى 42 % في بداية الخريف. ويعود ذلك إلى تضاعف استهلاك المازوت بنسبة 100 % وارتفاع استهلاك الديزل بنسبة 80 % منذ بدء العام الإيراني في 21 مارس (آذار) الماضي.
ويحتوي المازوت الإيراني على نسبة كبريت تصل إلى 3.5 %، وهو أعلى بسبع مرات من المعايير الدولية لوقود السفن. كما أن جودة وقود الديزل في إيران ومحتواه من الكبريت يتجاوزان معايير "يورو 4" (الإصدار الرابع لمعايير الانبعاثات التي وضعها الاتحاد الأوروبي للسيارات).
ويشير تقرير مركز أبحاث البرلمان الإيراني إلى أن إيران واجهت نقصًا يوميًا في الغاز قدره 150 مليون متر مكعب في الربيع والصيف، ومن المتوقع أن يصل هذا النقص إلى 300 مليون متر مكعب يوميًا في الشتاء.
وتمتلك إيران ثاني أكبر احتياطي غاز في العالم بعد روسيا، وتحتل المرتبة الرابعة في الإنتاج. ولكن، أدى غياب تطوير منشآت الطاقة المتجددة والهدر الكبير في استهلاك الغاز وضعف كفاءة المحطات إلى تفاقم العجز.
ووفقًا لبيانات شركة BP (إحدى شركات النفط والغاز الرائدة في العالم)، رغم أن إنتاج الغاز السنوي في إيران شهد نموًا بأكثر من 5 % خلال العقد الماضي، فقد تباطأ إلى 2 % في السنوات الثلاث الماضية، وفي العام الماضي، أنتجت إيران نحو 260 مليار متر مكعب من الغاز، منها 12 مليار مكعب تم تصديرها إلى تركيا والعراق.
وضع المازوت في إيران
تظهر تقارير من شركات تتبع الناقلات تراجعًا كبيرًا في صادرات المازوت الإيراني، ما يعكس زيادة الاستهلاك المحلي لهذا الوقود الملوث.
وكانت إيران تصدر نحو 400 ألف برميل من المازوت يوميًا قبل سنوات قليلة، لكن هذا الرقم انخفض إلى 220 ألف برميل العام الماضي، وتحتل الصين والإمارات صدارة القائمة لتلك الصادرات.
ووفقًا لحسابات "إيران إنترناشيونال"، استنادًا إلى بيانات من شركتي "فورتكسا" و"كيبلر" للطاقة ومجموعة "متحدون ضد إيران النووية" (UANI)، فقد صدّرت إيران خلال الأشهر العشرة الأولى من هذا العام 70 ألف برميل يوميًا للصين و60 ألف برميل للإمارات.
وبمعنى آخر، فقد تراجعت صادرات المازوت إلى النصف مقارنة بالعام الماضي وإلى الثلث مقارنة بعام 2021. وتوضح بيانات وزارة الطاقة أن محطات الطاقة في إيران استهلكت 8 مليارات لتر من المازوت العام الماضي، إلى جانب ضعف هذه الكمية من الديزل.
صادرات الغاز الإيراني
تظهر بيانات شركة BP أن إيران صدّرت 12 مليار متر مكعب من الغاز إلى تركيا والعراق العام الماضي، بما يتوافق مع البيانات الرسمية من البلدين. وبينما لم تصدر أي تقارير عن إجمالي صادرات الغاز لهذا العام، تشير بيانات تركيا الرسمية إلى استيرادها 4.2 مليار متر مكعب من الغاز الإيراني في الأشهر الثمانية الأولى من هذا العام، بزيادة قدرها 10.5 % عن الفترة نفسها من العام الماضي.
وتتوقع الحكومة الإيرانية، في مسودة ميزانيتها للعام المقبل، تصدير 16 مليار متر مكعب من الغاز بقيمة 5.2 مليار دولار. إذا استهلكت إيران هذه الكمية محليًا، يمكنها تقليل استهلاك 16 مليار لتر من المازوت والديزل، وهو ما يعادل نحو 8 مليارات دولار وفقًا للأسعار الدولية.
وبشكل مبسط، يمكن أن يؤدي توجيه الغاز للتصنيع المحلي إلى تقليل التلوث وتوفير 3 مليارات دولار إضافية، ومع ذلك، تواصل إيران إعطاء الأولوية للتصدير للحفاظ على اعتماد تركيا والعراق على غازها وضمان أسواقهما.
كما رفعت إيران، مؤخرًا، دعوى ضد باكستان في محكمة العدل الدولية لتأخرها في استيراد الغاز، ووفقًا للعقد الموقع، فقد كان من المقرر أن تبدأ باكستان في استيراد 7 مليارات متر مكعب سنويًا من الغاز الإيراني منذ عام 2015، لكنها تدعي أن العقوبات الأميركية حالت دون تنفيذ الاتفاقية.