احتل الهجوم الإسرائيلي على إيران، فجر أمس السبت، ومقتل 10 من قوات الشرطة في هجوم مسلح بمحافظة بلوشستان الإيرانية، صدارة العناوين في تغطية الصحف الإيرانية الصادرة اليوم الأحد، 27 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري.
وحاولت الصحف الموالية للنظام الإيراني السخرية من الهجوم الإسرائيلي والتقليل من شأنه، مدعية أن إيران خرجت "منتصرة" من الهجمات عليها، وأن إسرائيل مُنيت بـ "فشل ذريع" في تحقيق الأهداف من الهجوم، الذي لم يكن بالمستوى الذي توقعته إيران وغيرها من دول العالم.
وأعربت صحف أخرى، مثل "ستاره صبح" و"هم ميهن" الإصلاحيتين، عن قلقهما من أن تكون هذه الهجمات هي بداية لصدامات مباشرة وحرب شاملة في المستقبل؛ إذ إن الحاجز بين إسرائيل وإيران انكسر، وأصبح عداؤهما مكشوفًا، ويتم تبادل الهجمات بشكل رسمي.
وعنونت صحيفة "هم ميهن" بالقول: "بداية أم نهاية؟" ونقلت عن مواطنين رواياتهم، وكتبت عنوانًا حول ذلك: "رواية سكان العاصمة من الأصوات المهيبة للانفجارات عند الفجر".
ونقلت الصحيفة كلام الناشط السياسي الإصلاحي، أحمد زيد آبادي، الذي قال: "إن الكرة الآن في ملعب إيران، والعالم سيراقب ما إذا كانت طهران ترغب في خفض التصعيد أم تعمل على زيادة التوتر واستمرار الصراع".
صحيفة "جوان" المقربة من الحرس الثوري، رغم تأكيدها أن الهجوم الإسرائيلي كان "ضعيفًا"، فإنها دعت النظام للرد على إسرائيل، وكتبت في صدر صفحتها الأولى، اليوم الأحد: "حق الرد القوي على الهجوم الضعيف"، فيما كتبت "كيهان" ساخرة "جبل صهيون ولد فأرًا.. حان دور رد إيران المدمر".
ومن الملفات الأخرى، التي غطتها صحف إيران اليوم الأحد، هو الهجوم المسلح الدموي على دورية للشرطة الإيرانية في محافظة بلوشستان، مساء أمس السبت؛ حيث أدى الهجوم إلى مقتل 10 عناصر من قوات الشرطة، بينهم ضباط وجنود.
ووقع الهجوم، الذي تبنته جماعة جيش العدل المعارضة للنظام الإيراني وأعلنت مسؤوليتها عنه، بعد أن نصب مسلحو الجماعة كمينًا لدورية الشرطة وأوقعوهم فيه، وقُتل كل أفراد الدورية جميعًا، والتي يبدو أنها كانت أكثر من سيارة واحدة نظرًا لعدد القتلى.
والآن يمكننا قراءة المزيد من التفاصيل في تغطية الصحف التالية:
"كيهان: الرد الإيراني يجب أن يتجاوز الهجوم السابق على إسرائيل
دعت صحيفة "كيهان" المقربة من المرشد الإيراني، علي خامنئي، صنّاع القرار في إيران إلى هجوم أكبر من السابق، الذي وقع في أول أكتوبر الجاري بعد "اعتداء" إسرائيل على الأراضي الإيرانية، و"انتهاك سيادتها"، وكتبت في هذا السياق: "على الرغم من أن هجوم إسرائيل لم يكن متناسبًا مع حجم الدعاية الإعلامية له، فإن هذا الاعتداء على إيران لا ينبغي أن يبقى دون رد".
وأضافت الصحيفة: "بل يجب أن يُقابل أي اعتداء على البلاد بهجوم مدمر وأكبر من عملية الوعد الصادق 2، كما قال المسؤولون في إيران، وهو إجراء حياتي وضروري يجب القيام به".
وذكرت الصحيفة أيضًا أن إيران لديها القدرة على استهداف كل المنطقة، بل حتى أوروبا بصواريخها الفرط صوتية، وعلى إسرائيل وحلفائها أن يعلموا بأن هجوم إيران القادم سيكون أكبر مما يتخيلون.
وشددت الصحيفة على ضرورة أن تستهدف إيران المواقع والمصالح الأميركية في المنطقة، كون واشنطن كانت داعمة لإسرائيل في هجومها الأخير على إيران.
وعارض مدير تحرير الصحيفة، وممثل المرشد الإيراني فيها، حسين شريعتمداري، الأصوات التي تدعو إلى عدم الرد، بحجة أن إسرائيل هاجمت إيران بشكل محدود ولم يكن هجومها ناجحًا، مؤكدًا أن "عدم الرد يعني دعوة أميركا وإسرائيل إلى ارتكاب جرائم إبادة جماعية بحق الشعب الإيراني مستقبلاً".
"ستاره صبح": الهجوم الإسرائيلي.. نهاية الصدامات المباشرة أم بداية الحرب الشاملة؟
تساءلت صحيفة "ستاره صبح" عما إذا كان الهجوم الإسرائيلي على إيران نهاية الصدامات المباشرة بين طهران وتل أبيب، أم انه بداية لحرب شاملة بين البلدين؛ إذ إن إسرائيل وللمرة الأولى، تقوم رسميًا باستهداف مواقع داخل إيران، مخلفة قتلى وجرحى في صفوف القوات المسلحة الإيرانية، بجانب الأضرار في المواقع العسكرية المستهدفة.
وأكدت الصحيفة أن هذه الهجمات أثبتت أن لإسرائيل القدرة على مهاجمة الدول في المنطقة، بما فيها إيران، كما أنها أظهرت قوة نفوذ الولايات المتحدة الأميركية على إسرائيل؛ إذ حدت بضغوطها المستمرة منذ شهر من حجم الهجمات ونطاقها، معتقدة أن الديمقراطيين في الولايات المتحدة الأميركية لا يرغبون في أي تصعيد قبل انتخابات الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
وتوقعت الصحيفة أن يكون هجوم إسرائيل الأخيرة نهاية مؤقتة لخطر اندلاع حرب شاملة، لافتة إلى أن دليل ذلك ما ظهر في الأسواق الإيرانية؛ حيث إنه، بعد الهجوم الإسرائيلي المحدود، تحسنت البورصة الإيرانية واكتست باللون الأخضر، كما شهدت العملة الإيرانية تحسنًا طفيفًا عقب الهجوم، ما يفسر على أنه لن تكون هناك أعمال تصعيدية في الفترة القليلة المقبلة.
وقال الكاتب والمحلل السياسي الإيراني، حسن بهشتي بور، للصحيفة: "إن الهجوم الإسرائيلي أنهى فترة الصدامات غير المباشرة بين إيران وإسرائيل، وأزال الحاجز السابق"، معتقدًا أن هذه الهجمات لن تكون الأخيرة.
كما رأى الكاتب أن الهجوم الإسرائيلي الأخير أظهر ضعف القدرات الدفاعية لإيران، بعد إصابة الأهداف وسقوط ضحايا، قائلاً: "إن إيران في السنوات الأخيرة كانت تركز على قدراتها الهجومية والصاروخية لكن هجوم إسرائيل أكد ضرورة أن تعتني طهران بقدراتها الدفاعية أيضًا".
"جوان": رجال الدين الإصلاحيون يدعمون إسرائيل ويقبلون قرار حل الدولتين
سلطت صحيفة "جوان"، المقربة من الحرس الثوري، الضوء على الصراع والجدل الكلامي بين المعتدلين والمتشددين في إيران هذه الأيام، عقب تصريحات لمجموعة من رجال الدين وأساتذة الحوزة العلمية في قم، الذين دعوا إلى القبول بقرار حل الدولتين، كوسيلة لإنهاء الصراع والحرب الدائرة في المنطقة والمعاناة التي يعيشها الفلسطينيون.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذه المجموعة من رجال الدين "الإصلاحين" تبنوا دعوة رحب بها الإسرائيليون وهي قبول اتفاق ينص على حل الدولتين والعودة إلى حدود 1967.
وهاجمت الصحيفة الأصولية نظيرتها "هم ميهن" الإصلاحية، التي ذكرت في تقرير سابق، أن هذه الدعوة من رجال الدين في إيران تظهر عدم اتفاق رجال الدين الشيعة حول قضية الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني وآليات حل هذا الصراع، مؤكدة أن هذه الخلافات أصبحت بين رجال الدين السياسيين الأوفياء للنظام نفسه.
واتهمت "جوان" الصحيفة الإصلاحية بأنها تحاول أن تصور دعم إسرائيل والاعتراف بها بأنها تعددية بين رجال الدين الشيعة، مؤكدة أن بث الفُرقة والخلاف في الداخل الإيراني في وقت تشهد إيران تصعيدًا كبيرًا مع إسرائيل لا ينفع سوى الكيان الصهيوني (إسرائيل) ويضر بإيران.