أرسل عدد من الإيرانيين مقاطع فيديو لقناة "إيران إنترناشيونال" توثق مشاهداتهم من شتى المدن، في أعقاب الغارات الجوية، التي شنتها إسرائيل على إيران، فجر اليوم السبت، ووجه بعضهم أصابع الاتهام نحو المرشد الإيراني، علي خامنئي، محمّلين إياه مسؤولية الأزمات الحالية التي تعصف بالبلاد.
وأوضح بعض المواطنين، في رسائلهم لـ"إيران إنترناشيونال"، أنهم استيقظوا من نومهم على أصوات الانفجارات، اليوم السبت 26 أكتوبر (تشرين الأول)، مشيرين إلى أن المرشد الإيراني هو المسؤول عن خلق هذا الوضع المتأزم، ونشر حالة القلق بين المواطنين، مؤكدين أن النظام الإيراني لا يُولي أي اهتمام بحياة المدنيين.
وأشار المواطنون، في رواياتهم، إلى مشاهدتهم صواريخ إسرائيلية تحلق في سماء إيران، وأكدوا أن منازلهم اهتزت بشدة؛ بسبب الانفجارات الناتجة عن الهجمات الإسرائيلية، وعبروا، في مقاطع الفيديو التي أرسلوها، عن أملهم في أن لا يتعرض المدنيون لأي أذى خلال هذه الهجمات.
وأرسل أحد المواطنين مقطع فيديو يُظهر سحبًا كثيفة من الدخان تغطي سماء جنوب طهران، وقال: "من المحتمل أن يكون هذا الدخان بالقرب من ضريح الخميني، ومن المتوقع أن تظهر آثار الهجوم الإسرائيلي بوضوح عند طلوع النهار".
وتضمنت المقاطع الأخرى، التي أُرسلت إلى "إيران إنترناشيونال"، مشاهد لمحطات الوقود، التي شهدت ازدحامًا بعد سماع دوي الانفجارات. وعلق أحد المواطنين من طهران على هذه المشاهد، قائلاً: "بعد سماع خبر الهجوم الإسرائيلي، اصطف الناس في طوابير طويلة أمام محطات الوقود".
وأشار بعض المواطنين من مختلف المدن، بما فيها العاصمة، إلى رؤيتهم أعمدة الدخان الناتجة عن الهجمات الإسرائيلية.
وفي رسالة من أحد متابعي "إيران إنترناشيونال"، توجه بالحديث إلى مؤيدي النظام الإيراني، الذين يدّعون أنه "القوة الأولى في المنطقة"، قائلاً: "القوة الأولى في المنطقة تحتاج إلى اقتصاد قوي وتفوق علمي على باقي الدول، وهو ما لا يتوفر لدى إيران".
وأضاف هذا المواطن: "النظام الإيراني يحكم البلاد منذ أكثر من 45 عامًا، لكنه جلب الحرب مع العراق، والعقوبات، والآن إسرائيل تستهدفكم. بدلاً من إطلاق التصريحات الرنانة من داخل إيران، اذهبوا للقتال في سوريا ولبنان والعراق".
وختم المواطن حديثه بقوله: "إن المسؤولين في النظام الإيراني لا يملكون حتى السلطة المطلقة في منازلهم"، متسائلاً: "إلى متى سيظل الشعب الإيراني يعاني جراء سياساتكم؟".
وأرسل مواطن آخر فيديو إلى "إيران إنترناشيونال"، يُظهر فيه شعارًا أسفل شاشة التلفزيون الإيراني يدعو إلى متابعة الأخبار فقط عبر التلفزيون الرسمي، وتجاهل القنوات الأخرى. وقال هذا المواطن: "الناس تبحث عن الأخبار الحقيقية، وليس لديهم اهتمام بالتلفزيون الحكومي".
جاءوا وضربوا وغادروا
تفاعل مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي مع الغارات الإسرائيلية، منذ لحظاتها الأولى، مؤكدين أن الإعلام الحكومي يحاول تغطية الأضرار الحقيقية، التي تعرضت لها المنشآت العسكرية التابعة للنظام الإيراني.
وكتب أحد المستخدمين على منصة "إكس": "جاءوا، وضربوا، وغادروا. ولم يتم اعتراضهم، ولم تُطلق صفارات الإنذار، وكأن شيئًا لم يحدث. المرشد في مخبئه، المواطنون في منازلهم، الجنود في ثكناتهم، ووكالة "تسنيم"، التابعة للحرس الثوري، تقول إنها ليست ضربة خطيرة".
وكتب مواطن آخر على منصة "إكس"، مُذكراً بإسقاط الطائرة الأوكرانية بصواريخ الحرس الثوري عام 2019: "إن الدفاع الجوي الإيراني لا يجيد إلا استهداف الطائرات المدنية".
وقام بعض المستخدمين بمقارنة لقطات من غرف القيادة العسكرية في كل من إيران وإسرائيل أثناء الهجمات، مشيرين إلى الفرق بين سلوك القادة في كلا البلدين.
وأشار أحد مستخدمي منصة "إكس" إلى أن النظام يقوم بمراقبة النساء الإيرانيات، وقمعهن بواسطة كاميرات المراقبة وقوات الأمن والشرطة السرية، بينما قامت إسرائيل بشن هجمات على مواقع مختلفة داخل إيران باستخدام 120 طائرة، دون أن تتخذ السلطات أي رد فعل. وقال المواطن: "بئسًا للحرس الثوري والباسيج والجيش".
تداعيات اقتصادية مرتقبة
أشار بعض المستخدمين إلى أن الضربة الحقيقية ستكون اقتصادية، وأن تأثير الهجمات الإسرائيلية على إيران سيظهر في ارتفاع سعر الدولار خلال الساعات والأيام المقبلة.
وقال عضو هيئة التحرير في "إيران إنترناشيونال"، كاميار بهرنج: "إن المواطنين استطاعوا نشر رواياتهم عن الهجمات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مما جعلهم يتجاوزون الرقابة التي يفرضها النظام بسهولة".
تهديدات النظام ضد المواطنين
وبعد انتهاء الهجمات الإسرائيلية، أصدر "مركز مراقبة الجرائم المنظمة"، التابع للحرس الثوري، بيانًا، صباح اليوم السبت، حذر فيه المواطنين من إرسال صور أو أخبار إلى وسائل الإعلام الخارجية، واصفًا ذلك بـ"الجريمة".
وأشار البيان إلى بعض مواد قانون العقوبات الإيراني، محذرًا من أن أي تعاون مع "دول معادية" يُعد جريمة يعاقب عليها بالسجن لمدة تتراوح بين سنة وعشر سنوات.
وقد قامت الأجهزة الأمنية والقضائية الإيرانية بفتح ملفات قانونية وتهديد العديد من المواطنين بعد تعليقاتهم على أحداث بارزة، بما في ذلك مقتل إسماعيل هنية في طهران، ومقتل الرئيس الإيراني السابق، إبراهيم رئيسي، فضلاً عن بعض القادة في الحرس الثوري والصراع مع إسرائيل.
وقد أصدرت استخبارات الحرس الثوري بيانًا، يوم 2 أكتوبر الجاري، هددت فيه المواطنين بملاحقتهم، في حال دعمهم إسرائيل عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وبعدها بيومين، أعلنت وكالة "ميزان" التابعة للقضاء الإيراني، توجيه اتهامات قانونية لبعض الأفراد، عقب رصد منشوراتهم على الإنترنت.
ويرى بعض نشطاء حقوق الإنسان أن هذه الإجراءات الحكومية تُعدّ انتهاكًا واضحًا لحرية التعبير في إيران، تحت حكم النظام الإيراني.
ورغم محاولات الحكومة الإيرانية تهديد وقمع الأصوات المعارضة، يواصل المواطنون التعبير عن اعتراضهم على سياسات النظام بطرق متنوعة، بما فيها وسائل التواصل الاجتماعي.