صرّح المواطن السويدي يوهان فلودروس (34 عاما)، والمسؤول في الاتحاد الأوروبي، الذي تم إطلاق سراحه في يونيو (حزيران) الماضي، ضمن تبادل للسجناء بين طهران واستكهولم، بأنه كان ضحية سياسة "احتجاز الرهائن" التي يتبعها النظام الإيراني، حيث اعتقله لمقايضته بحميد نوري.
وفي حديثه لموقع "بوليتيكو" الأميركي، الذي نُشر اليوم الجمعة، 25 أكتوبر (تشرين الأول)، تناول فلودروس تفاصيل فترة اعتقاله في سجن "إيفين" بطهران، قائلاً إنه كان يعتقد في البداية أن اعتقاله كان خطأ، وإنه سيتمكن من العودة إلى بروكسل، حيث مقر عمله، في أول فرصة.
وأشار فلودروس إلى أنه بعد اعتقاله في أبريل (نيسان) 2022، تم نقله في البداية إلى زنزانة انفرادية مساحتها 40 مترًا مربعًا؛ حيث كان يقضي 6 ساعات يوميًا في التجول داخل الزنزانة، وساعتين في ممارسة تمارين رياضية شاقة.
ووصف تلك التجربة قائلاً: "عندما أشعر بالإرهاق الشديد، كنت أستلقي وأغلق عيني وأغمر وجهي بمنشفة مبللة، وأحاول الهروب عقليًا إلى مكان آخر، كان هذا أفضل وقت لي خلال اليوم".
وأضاف فلودروس أنه علم من خلال السجناء الآخرين، بعد نقله إلى جناح عام، أن سبب اعتقاله كان للمقايضة مع حميد نوري، قائلاً: "عندما أخبرت السجناء بما حدث معي، ردوا عليّ فورًا: أوه، أنت رهينة. هل سمعت عن شخص يُدعى حميد نوري في السويد؟".
الجدير بالذكر أنه تم إبرام صفقة تبادل للسجناء بين طهران واستكهولم، سُمح بمقتضاها لكل من فلودروس وسعيد عزيزي، المواطن السويدي الآخر المعتقل في إيران، بمغادرة طهران والعودة إلى السويد في 15 يونيو الماضي، مقابل الإفراج عن حميد نوري، المسؤول الإيراني السابق، ومساعد المدعي العام بسجن جوهردشت، قرب طهران، الذي اعتُقل في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019 بالسويد، بتهمة المشاركة في إعدام سجناء سياسيين في الثمانينات، وحُكم عليه بالسجن مدى الحياة. ورفضت المحكمة العليا السويدية استئناف نوري في 5 مارس (آذار) 2024.
وفي حديثه لـ"بوليتيكو"، قال فلودروس إن اعتقاله كان بلا سبب وجيه، سوى الضغط على الحكومة السويدية، مضيفًا: "لو لم أكن أنا، لكان تم اعتقال مواطن سويدي آخر مكاني".
وأضاف أنه بعد فترة من اعتقاله تم توجيه تهمة التجسس إليه، حيث كانت السلطات القضائية الإيرانية تصنف زياراته السابقة لإيران، والتي كانت ضمن عمله في الاتحاد الأوروبي بمشاريع تخص اللاجئين الأفغان، على أنها "أعمال تجسس".
وخلال آخر جلسة قضائية في فبراير (شباط) الماضي، أعلن قاضي المحكمة الثورية في طهران، إيمان أفشاري، توجيه اتهامات ضد فلودروس تشمل "الإفساد في الأرض من خلال العمل ضد الأمن القومي، والتجمع والتآمر بقصد ارتكاب جريمة ضد أمن البلاد، والتعاون الاستخباراتي" مع إسرائيل.
وأشار أفشاري إلى أن هذه التهم استندت إلى تقارير من الأجهزة الأمنية الإيرانية، وأدلة أخرى مثل زيارات فلودروس للمدن الحدودية وسفرياته إلى دول عدة، منها إسرائيل.
وأضاف فلودروس، في حديثه لموقع "بوليتيكو"، أن هذه الاتهامات كانت تُظهر بوضوح أن "النية الحقيقية للاتحاد الأوروبي- ونيتي- هي الإطاحة بالنظام".
وبعد ثمانية أشهر، تم نقله من الزنزانة الانفرادية، وحاول بعد ذلك التأقلم مع الوضع في سجن "إيفين" بطهران.
ووضع فلودروس، الذي يتقن اللغة الفارسية، قواعد للحياة في محبسه بتنظيم المساحة الصغيرة والحفاظ على نظافتها، كما قام بتعليم اللغة الإنجليزية، وصنع من الورق المقوى لوح شطرنج وأوراق لعب، وشارك أحيانًا في لعب البوكر مع السجناء الآخرين.
وفي 16 يونيو، خلال مكالمة هاتفية مع رئيس وزراء السويد، أولف كريسترسون، عبّر فلودروس عن سعادته بالإفراج عنه، قائلاً: "أشعر كأنني في السماء من السعادة". وأوضح أنه قضى نحو 800 يوم ينتظر تلك اللحظة، وكان يحلم بها مرارًا.
ولا يزال أحمد رضا جلالي، المواطن السويدي الآخر، يقبع في السجون الإيرانية، حتى الآن.
ويرى ناشطو حقوق الإنسان أن اعتقال مواطنين من الدول الغربية من قِبل النظام الإيراني يشكل "احتجاز رهائن حكوميا"، معتبرين أن طهران تستخدم هذه الوسيلة للضغط على الدول الغربية والحصول على تنازلات منها.
وكان الاتفاق بين طهران وواشنطن لتبادل السجناء قد أثار جدلاً سابقًا؛ إذ تمت مبادلة خمسة سجناء إيرانيين بخمسة أميركيين في سبتمبر (أيلول) 2023، ونُقلت بموجبه ستة مليارات دولار من الأموال الإيرانية المجمدة في كوريا الجنوبية إلى قطر مقابل ذلك.
وتؤكد واشنطن أن إيران يمكنها استخدام هذه الأموال فقط لشراء سلع إنسانية، لكن العديد من المحللين يرون أن هذه الخطوات تشجع النظام الإيراني على مواصلة سياسة احتجاز الرهائن.
وأضاف تقرير "بوليتيكو" أن النظام الإيراني اتبع "استراتيجية دبلوماسية احتجاز الرهائن" منذ ثورة عام 1979، حيث وقعت أول حالة احتجاز رهائن في نوفمبر 1979 عندما هاجم مؤيدو النظام السفارة الأميركية في طهران واحتجزوا أكثر من 50 شخصًا لأكثر من 400 يوم، مطالبين بتسليم الشاه محمد رضا بهلوي إلى إيران كشرط للإفراج عنهم.