صرح رجل الدين المعارض والأستاذ الجامعي ناصر نقويان، بأن رجال الدين الذين يتولون مناصب حكومية لم يعودوا يعبرون عن صوت الشعب الإيراني.
يذكر أن نقويان، الذي تم منعه من التدريس والظهور في وسائل الإعلام، بعد أن كان وجها مألوفا في التلفزيون الحكومي الإيراني، تحدث عن تراجع مكانة رجال الدين في المجتمع الإيراني، مشيرًا إلى الفجوة المتزايدة بين رجال الدين والحياة اليومية للمواطنين، رغم أن إيران تحكم من قبل نظام ديني.
وفي تصريحات صحافية أخيرة، قال نقويان إن بعض رجال الدين أصبحوا يعيشون في رفاهية كبيرة لدرجة أن البعض يعتقد أن ثرواتهم مرتبطة مباشرة بمبيعات النفط في البلاد.
وتحدث نقويان عن وضعه المالي الشخصي، قائلاً إنه اضطر للانتقال من شارع باسداران الراقي شمالي طهران إلى منطقة فرديس، وهي حي يقع خارج مدينة كرج الصناعية على بعد حوالي 50 كيلومترًا غرب طهران.
وأشار إلى أن رجال الدين الذين أصبحوا مسؤولين حكوميين فقدوا مكانتهم بين عامة الناس، حيث لم يعودوا يتحدثون باسم الشعب. ولفت إلى موقفهم المتشدد في فرض الحجاب الإجباري باعتباره قضية رئيسية، وشبه موقفهم بموقف طالبان، وهو ما زاد من بعدهم عن عموم المجتمع الإيراني.
ومع ذلك، شدد نقويان على أنه ليس “مناهضًا للنظام ولا ينتمي للمعارضة"، مضيفا: "أنا فقط أعترض على السياسات التي أعتقد أنها خاطئة وأريد تصحيحه".
تجدر الإشارة إلى أن الانقسام المتزايد بين الشعب الإيراني وطبقة رجال الدين الذين يتولون الحكم في غيران تم الاعتراف به من قبل الحوزات العلمية في البلاد منذ عام 2017. وقد بحثت حوزة قم العلمية هذه القضية وأسبابها الجذرية. وكشفت عن تراجع شعبية رجال الدين.
وقد أثارت هذه الدراسات العديد من المناقشات، حيث خلص كثيرون إلى أن النظرة السلبية المتزايدة تجاه رجال الدين تنبع بشكل كبير من سلوكهم كمسؤولين حكوميين.
وفي عام 2023، وبعد سلسلة من الاعتداءات على رجال الدين عقب احتجاجات عام 2022، أشار آية الله محمد جواد علوي بروجردي إلى أن هذه الهجمات كانت نتيجة مباشرة للانقسام المتزايد بين الشعب والمؤسسة الدينية. وحث المسؤولين على تجنب زيادة نفور الناس من خلال التصريحات المتشددة التي تغذي استياء العامة.
ولكن بروجردي أرجع أيضًا العداء المتزايد تجاه رجال الدين إلى وسائل الإعلام الأجنبية التي "تشعل نار" الاستياء.
ومن جانبها، قالت الباحثة الدينية النسوية صدّيقة وسمقی، وهي معارضة صريحة لسياسة الحجاب الإجباري: "فات أوان سد الفجوة بين رجال الدين والشعب". وأضافت أن الآراء المتطرفة لرجال الدين أدت إلى خلق حالة من انعدام الأمن في المجتمع الإيراني، مشيرة إلى أنه "كان ينبغي عليهم توقع نتائج مواقفهم وسلوكهم المتشدد".
وأشار نقويان أيضا إلى أن الحكومة تصف رجال الدين الإصلاحيين بأنهم "مناهضون للثورة". وكشف أيضًا أنه، بسبب النظرة السلبية المتزايدة تجاه رجال الدين، غالبًا ما يتجنب ارتداء الجبة والعمامة التقليدية عندما يخرج في حياته اليومية.
وعند سؤاله عن الفرق في ردود أفعال الناس تجاهه عند ارتدائه الزي الديني مقابل عدم ارتدائه، أوضح نقويان: "بالنسبة لمن يعرفونني، لا تتغير ردود فعلهم بغض النظر عما أرتديه. لكن بالنسبة للآخرين، يختلف الأمر. عندما يرونني مرتديًا الجبة والعمامة، يعاملونني كما يعاملون رجال الدين الآخرين".
يشار إلى أنه خلال وبعد احتجاجات 2022 في إيران، كانت ظاهرة "إسقاط العمامة" شائعة بين الشباب المحتجين. حيث كان الشباب الغاضبون يخطفون العمامة من فوق رؤوس رجال الدين ويرمونها في الشارع. بالإضافة إلى بعض السلوكيات العنيفة تجاه رجال الدين في ذلك الوقت.