أظهرت نتائج الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة في إيران أن القاعدة الانتخابية لرئيس البرلمان، محمد باقر قاليباف أصبحت أكثر اهتزازًا من ذي قبل، رغم الدعم القوي له من الحرس الثوري كالمعتاد، لكن تكلفة قاليباف تجاوزت قيمته المضافة، بحسب القائد السابق لمقر خاتم الأنبياء، سعيد محمد.
وفي هذه الدورة من الانتخابات الرئاسية، وبعد وفاة إبراهيم رئيسي، اعتُبر قاليباف مرشحًا مدعومًا من قِبل الحرس الثوري الإيراني.
وكانت جميع وسائل الإعلام التابعة للحرس الثوري الإيراني قد دعّمت قاليباف بشكل كامل، قبل وأثناء تلك الانتخابات.
وشاركت مريم، ابنة قاليباف، في برنامج "محادثة ودية" على القناة الثانية للتلفزيون الإيراني، مساء يوم 18 يونيو (حزيران) 2024، وكان من أبرز نقاط هذا البرنامج الحديث عن القضية المعروفة باسم "قضية الحفاضات" وشراء حفاضات لحفيد قاليباف من تركيا وحفل زفاف ابنته المثير للجدل.
وبعد هذا البرنامج، نشر وحيد أشتري، أحد مناصري سعيد جليلي، وثائق عن سفر ابنة قاليباف.
وبعد ذلك، هاجمت وكالة "تسنيم" للأنباء، إلى جانب وسائل إعلام أخرى تابعة للحرس الثوري الإيراني، أشتري، وصفت وثائقه بأنها مزورة.
وكان أنصار جليلي يهاجمون قاليباف، في كل مرة، خلال الصراعات الداخلية بين الأصوليين، ودافعت وسائل الإعلام التابعة للحرس الثوري الإيراني عن قاليباف من خلال وصف هذه الهجمات بأنها "جبانة".
ولم يأتِ هذا الدعم جزافًا، حيث اختلطت هوية المرشح الفاشل في انتخابات 2024 مع الحرس الثوري الإيراني منذ البداية.
التحق قاليباف رسميًا بالحرس الثوري الإيراني، في سن 19 عامًا، منذ عام 1980 حتى عام 2005.
وقد أشاد أمير علي حاجي زاده، قائد قوات الجو- فضاء في الحرس الثوري الإيراني، بقاليباف في مارس (آذار) 2024، وشدد على دوره في إنشاء مدن الصواريخ التابعة للحرس الثوري الإيراني، وقال إن قاليباف "ثوري" و"لا يعرف الكلل" واقتصاد البلاد يحتاج إلى "مديرين جهاديين" مثله.
كما سعى قاليباف إلى تحقيق المصالح الاقتصادية للحرس الثوري، بصفته رئيسًا للبرلمان؛ حيث تم الكشف عن أنه قام بتغيير رئيس البنك المركزي عام 2023، خلال فترة رئاسة إيراهيم رئيسي، وذلك لتمويل جيش القدس.
وقال سعيد محمد، القائد السابق لمقر خاتم الأنبياء التابع للحرس الثوري الإيراني في مايو (أيار) الماضي، إن تكلفة قاليباف للنظام أكثر من قيمته المضافة.
الانخفاض التدريجي لقاعدة قاليباف الانتخابية
على الرغم من أن بعض الأصوليين حاولوا إقناع جليلي بالانسحاب من السباق لصالح قاليباف، فقد أظهرت هذه الانتخابات أن عملية الكشف عن فضائح قاليباف قد نجحت، وأن القاعدة الانتخابية للمرشحين المدعومين من الحرس الثوري الإيراني اهتزت إلى حد كبير.
ولم يحصل قاليباف في هذه الانتخابات إلا على 28.3 مليون صوت، أي ما يعادل 13.8 بالمائة من إجمالي الأصوات.
وكان قد حصل على أكثر من أربعة ملايين صوت في الانتخابات الرئاسية عام 2005، وهي تجربته الانتخابية الأولى، وفي عام 2013، حصل على أكثر من ستة ملايين صوت في تجربته الثانية.
وفي انتخابات الدورة الحادية عشرة للبرلمان الإيراني التي أُجريت عام 2019، حصل قاليباف على 1.26 مليون صوت في دائرة طهران وحدها.
ومع ذلك، بدأ هبوط شعبيته السياسية منذ الانتخابات البرلمانية الثانية عشرة، التي شهدت مشاركة 26.24 بالمائة فقط من الناخبين المؤهلين، في طهران، حيث لم يحصل قاليباف حتى على نصف مليون صوت، وجاء في المركز الرابع بـ 447905 أصوات.
ولم يستقل قاليباف من رئاسة البرلمان الإيراني للمشاركة في الانتخابات الحالية، ويمكنه العودة إلى مقعده الأخضر في بهارستان ومواصلة رئاسته.
وفي هذا الوضع، فإن نتيجة قاليباف الضعيفة في انتخابات يونيو الرئاسية قد تخلق تحديات كثيرة لاستمرار حياته السياسية.
وهناك عدد ليس بالقليل داخل الحرس الثوري الإيراني من المعجبين بالشخصيات الجديدة والأصغر سنًا مثل سعيد محمد، الذي يبلغ من العمر 56 عامًا، وهو القائد السابق لمقر خاتم الأنبياء، ولم يُكشف عن فساد مالي له مثل قاليباف.
من ناحية أخرى، أظهرت الجولة الأولى من الانتخابات النيابية في مارس 2023، أن سعيد محمد لديه قوة مؤثرة من خلال التحالف مع مؤسسة مصاف.
وتحدث عن قاليباف، قائلًا: "تكلفة قاليباف للنظام أكثر من قيمته المضافة، ولا ينبغي للنظام أن يدفع هذه التكلفة لشخص واحد".
وربما سيتوقف النظام أو الحرس الثوري الإيراني عن الإنفاق على قاليباف مع نتائج هذه الجولة من الانتخابات"، حسبما أكد سعيد محمد.